حفظ لنا التاريخ نماذج مشرقة ، وصفحات مضيئة ، من صور الأخوة في الله تعالى ، رسمتها شخصيات الجيل الفريد من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين ومن تبعهم بإحسان ، وننقل هنا بعض الصورة المبرزة عسى أن تكون منارة للسائرين في طريق الله تعالى :
أ – عن أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ )
ب – عن عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو : ( أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَتَى عَلَى سَلْمَانَ وَصهَيْبٍ وَبِلَالٍ فِي نَفَرٍ فَقَالُوا وَاللَّهِ مَا أَخَذَتْ سُيُوفُ اللَّهِ مِنْ عُنُقِ عَدُوِّ اللَّهِ مَأْخَذَهَا قَالَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَتَقُولُونَ هَذَا لِشَيْخِ قُرَيْشٍ وَسَيِّدِهِمْ فَأَتَى النَّبِيَّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ لَعَلَّكَ أَغْضَبْتَهُمْ لَئِنْ كُنْتَ أَغْضَبْتَهُمْ لَقَدْ أَغْضَبْتَ رَبَّكَ فَأَتَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ يَا إِخْوَتَاهْ أَغْضَبْتُكُمْ قَالُوا لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَخِي ) وذلك لأنهم إنما قالوا ما قالوا تولياً لله ورسوله ، ومعاداة لأعدائه ، وليس لحظ النفس أو شهوة الانتقام وشهد بذلك خاتمة أنبياء الله عليه وعلى آله صلوات وتسليمات وتبريكات من الله .
فكيف حال وسائل الإعلام ، التابعة للأنظمة المتسلطة على رقاب المسلمين هذه الأيام التي تمدح الكفار والمرتدين والمنافقين ، والفسقة والزناة واللوطيين ، والمأبونيين ليل نهار ، وتسخر من المؤمنين وتسبهم وتصفهم بأقذع النعوت من التطرف ، والإرهاب والجمود ، والتخلف والظلامية !!! أليس هؤلاء قد عظموا الكافرين وعادوا الموحدين ، وهم يخوضون في غضب ربَ العالمين ؟! نسأل الله العافية .
ج – عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( ثم أهدي لرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأس شاة فقال إن أخي فلانا وعياله أحوج إلى هذا منا قال فبعث إليه فلم يزل يبعث إليه واحدا إلى آخر حتى تداولها سبعة أبيات حتى رجعت إلى الأول فنزلت ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة إلى آخر الآية )
هـ - قضى ابن شبرمة حاجة كبيرة لبعض إخوانه ، فجاء بهدية ، فقال أبن شبرمة : ما هذا ؟ قال أخوه : لما أسديته إلي من معروف . قال أبن شبرمة : خذ مالك عافاك الله ، إذ سألت أخاك حاجة فلم يجهد نفسه في قضاءها ، فتوضأ للصلاة وكبَر عليه أربع تكبيرات وعده في الموتى .
وهكذا فإن أمثلة الإخاء في الله المشرقة لاتعد ولا تحصى ، على أن السلف الصالح كانوا يعيشون في ظلال الأخوة الإسلامية الوارفة متحابين متكاتفين متعاونين متفانيين رحماء بينهم ، أذلة على المؤمنين من إخوانهم ، أشداء على الكفار ، وأعزة عليهم .
فحيا على رجال نجباء يتآخون في الله ، ويحيوا تاريخ أمتنا التليد ، ويصوغوا فجر صحوة تهز البيرق ، وتعيد المجد لأمة المجد .
السبت فبراير 26 2011, 14:51 من طرف الدكتور أحمد أيت لمقدم