إن التحقيق في معنى العيدِ يدفعنا للتساؤل عن مشاعرنا التي نُبديها في العيد: هل هي خروجٌ عن طبيعتنا يوماً أو بعضَ يوم، فتكون استثناءً، أم هي مشاعرُ صادقةٌ توافق طبيعتَنا، فلم تنِد عنها في مظهر من مظاهرها؟!
بسمة العيد...سلامُه...تهنئتُه...اجتماعُ الناس فيه...مظاهر جميلة يفرح لها كلُّ مؤمن، ولكن: لماذا نفتقدُها من بعضنا بعد العيد؟ كأنما رجعت بعده إلى العدم فلا وجود لها في حياته، وكأنما أخطأ هو طبيعتَه في العيد، فرجع بعده إلى طبيعته الغليظة؛ حتى في معاملته لأسرته وذوي قرابته.
فهل ما نراه من مظاهر العيد من هؤلاء مشاعرُ فياضة وإحاسيسُ مرهفةٌ تُلقي بظلالها على النفوس؛ فتجني ثمارها المرجوة، أم هي مشاعرُ مصمتة جوفاء أخرجتْ تكلُّفاً لتستر طباعاً نافرةً ونفوساً فظةً وقلوباً غليظة؟! تساؤل يفرضه واقعُ بعضِنا المليء بالمغالطات.
فهلاَّ جعلنا من يوم العيد فرصةً لترويض الطباع على اللين والرحمة والسماحة ومعاملة الناس بالعفو، وموسماً لِتعويد الشفاه على بسمةٍ تعلو المُحيّا لتغالب عبوس الوجه.
وهلاّ جعلنا من يوم العيد فرصةً لتذليل الألسُنِ على الكلم الطيب والمنطقِ الحلو، أليس هو بيوم "تقديمِ الحلوى إلى كل فَمٍ لتحلوَ الكلماتُ فيه"...فلا يُسمع في يوم العيد ولا بعدَه كلمةٌ نابيةٌ ولا لفظٌ فاحشٌ ولا طعنٌ ولا لعن.