المسلسلات… أية كارثة؟؟لا تملي علي أقوالك التي شحذك بها الساذجون، و لا تفعل كمن يتألم وأنت سليم غير مصاب بل اسخر من الجرح فإنك لا تشعر بالألم، لا تكذب علي و تخفي شمس الحقيقة بإبهامك الصغير فأنا لن أصدقك و لست في حاجة إلى خطاباتك العلمانية المجردة من الروح؛ خطاباتك الداعية إلى كل ما يوصل إلى إرضاء نزواتك…
كم مرة أقول لك إنها الفاجعة تأتينا من المكسيك، و كم مرة سمعتني فيها أنذب حظنا البائس بسبب تلك التفاهات التركية، كم مرة تشهق فيها أنفاسي أسفا على ترهات كورية جنوبية أفسدت أولنا عن آخرنا …فتدق علي أنت طبول الجهل وتحمي نفسك برداء الدولة، ضاربا قيمنا بعرض الحائط متجاهلا أنك منا وحق على ابن الصقر أن يشبه الصقر كما يقال.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]أقول لك إن المسلسلات الأجنبية أفسدتنا وجلبت علينا الذل والمهانة ووارت قيمنا التراب فتتذرع وتقول إن ذلك من دواعي العلمانية والإنفتاح، أو تزمر على أذني بتفاهاتك المعصرنة، ولا عصرنة هنالك ولا انفتاح.
أقول لك إنني أشعر بالأسف لما آلت إليه قيمنا التي عهدناها لدى أجدادنا بسبب هذا الهجوم التلفزي الذي لا يرحم؛ فتقول إن ذلك قدرنا وما نحن برادوه إن أتى وأنت لا تعلم أن لا أحد يستطيع ركوب ظهرك إلا إذا كنت منحنيا، فالقدر يا سيدي إن أتى بشيء ونمت له قرير العين فإنك إذا لست تكره ما أتى به القدر بل تتخذه ذريعة لصد أمثالي.
كم مرة علي أن أقول لك إن المسلسلات التركية والمكسيكية لعبت دور الأب والأم في بيوتنا، فأنصت لها شبابنا بآذان صاغية، وخضعت لها بناتنا حد الخضوع.
ألم ترى إلى التي تبدإ يومها بترقب السابعة من مساءه تستفيق وعينها على متى تسمع “جنيريك” ذلك المسلسل التافه لتطير بسرعة البرق و تنقظ بجنون على آلة التحكم، وتهيم في عالم طوباوي مشبع بالخيال، حينها ممنوع عليك منعا كليا أن تمر أمامها لكي لا تحجب عنها وجه “مهند”، أو تشوش عليها فلا تسمع ما نطقت به “نور”. أعلم انك لا تجد الأمر غريبا لأنك حينها تكون بجوارها، وما يسري عليها ينطبق عليك أيضا، ليصبح بعد ذلك هذا المسلسل التافه مثل وجبة عشاء تجتمع عليه الأسرة كلها ويتجرعون منه كل يوم ما يقتل في نفوسهم تلك البقية الباقية من القيم و الأخلاق الحميدة…
ألم تقل لي يوما يا سيدي إنك عندما كنت صغيرا كنت تخجل من مشاهدة امرأة تظهر على التلفاز في حضرة أبويك، وأن أختك تتورد وجنتاها بمجرد أن تشاهد فيه رجلا يتحدث إلى امرأة، .. أقول لك إنه منذ ذلك العهد وفي حياتنا جزء من الممات، و في بقائنا حصة من الفناء، ففي ذلك العهد كان ما يسمى بالفضيلة والشرف وغلب الورع والإيمان أما اليوم وقد دب إلى عقولنا الوهم والسراب فقد تركنا وراءنا كل تلك القيم. فمن أين لنا أن نحييها من جديد؟ أنامل خيرا في بعثها وفي بيوتنا من لا يكلف نفسه عناء هدمها في كل مرة وحين؟ ماذا كنت تنتظر يا سيدي من نسائنا وفتياتنا وهن يقضين يومهن كاملا في مشاهدة مسلسلات موصومة بالعار أبطالها مجانين -و الأشد جنونا من يجلس أمامها- و حين تنتهي الحلقة يبدأن في سرد تفاصيلها في خيالهن ليضربن معها موعدا آخر في الصباح في نفس الساعة وعلى نفس القناة؟ ليحولن الوجهة صوب قناة أخرى وبداية دمار فكري آخر..
فكيف لتلك التفاهات ألا تفسد شبابنا وكل الشخصيات فيها لا يربطها بالإسلام إلا الخير والإحسان، فتبدو شبه عارية تطلق العنان لنفسها في تناول وفعل كل المحرمات؛ فلا الزنى عندهم حرام ولا العري جرم ولا السكر معصية. أما نساؤنا فتضحك ملء شدقيها وتتباهى بما شاهدت وتحكي ما رأت …لينتقلن إلى التطبيق فيصبح الغزو الفكري لتلك المسلسلات واقعا نلمسه جميعا، ولا عجب أن ترى نساء مجتمعنا تسيطر عليها عقلية المسلسلات التخريفية؛ فيقلدن ما يشاهدنه على تلك الشاشة الجوفاء التي ما أتتنا يوما بشيء يستحق التنويه.. تراهن يتتبعن أجواء الموضة السائدة عندهم؛ فيبدين كاسيات عاريات تلعنهن الملائكة من الصباح إلى المساء و يلهثن وراء الرجال تمجيدا لما يسمينه الحب والواقع أن الحب الحقيقي بريء من حبهن ذاك، تراهن يجبن الشوارع صباح مساء سعيا إلى تجريب كل أنواع العلاقات الممكنة مع الذكور.. واسمح لي يا سيدي أن أقول إنهن أصبحن مثل أدوات ينظر إليهن بعين المصلحة وقضاء الحاجة.
أعلم أنك لست بأول من غره السراب وانساب إلى ما لا يجوز، لكنني آمل في إيقاظ شعور مكنون في داخلك لكي تستطيع فتح عينيك عما يدور حولك، ولتتبين هول الكارثة التي أضحت تحاصرنا من كل جانب شرقية كانت أم غربية، فكلها سواء وليس في القنافذ أملس.