pikpok8353
عدد المساهمات : 413 نقاط : 1228 تاريخ التسجيل : 22/11/2009
| موضوع: ثوم الداخلية وفم " إدريس " الإثنين يوليو 05 2010, 08:49 | |
| من مفارقات السياسة المغربية أن يرتبط اسم "إدريس" بوزارة الداخلية ارتباطا وثيقـا لا يبشر بخير في كل الأحوال، والجديد في هذه المفارقات ظهر بعد تلويح السيد مصطفى الرميد رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية باستقالته عقب المنع التعسفي الذي طال القافلة الطبية لجمعية السلام بمنطقة سيدي بنور، وما تبع ذلك من تداعيات وصلت بَركـتها حتى البرلمان.لم يصدر المنع عن إدريس البصري هذه المرة، لكن رمزية "البصري" بوزارة معينة مازال حاضرا، ونهج "البصري" مازال البعض (على الأقل) يحن إليه بالداخلية المعمورة، لكن الأساليب تغيرت في حلبة الصراع السياسي وأضحت مجموعة من المتداخلات تصب في سياق تشكيل رؤية قاتمة للواقع السياسي المغربي قبيل احتدام التنافس الانتخابي في استحقاقات 2012؛ أو على الأقل، هكذا يتصور الأمر أولئك المتـفنون في رسم الخرائط الانتخابية التي يبدو أن عملية إنضاجها انطلقت باكرا هذه المرة، ولعل سرعة طهيها أحرقت جانبا من أوراق لعب الداخلية لدرجة أزكمت أنوف المتتبعين من بعيد وكوت المعنيين من قريب.ثوم الداخلية في هذه الجولة، أريد له أن يمضغ بفم "إدريس لشكر" الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، ورغم محاولة هذا الأخير النأي بنفسه كـ"إدريس" عن المهزلة التي ورطته بها الداخلية في الجواب على سؤال العدالة والتنمية عن أسباب منع القافلة، إلا أن القيادي الاتحادي فشل في درء تهمة التورط عنه وبشكل ذريع؛ فقد ظل المسكين يكرر في خجل واضح أن ما يقدمه هو "جواب الحكومة" وابتدأ كلامه غير ما مرة بعبارة "تود وزارة الداخلية إخبار ..."، وتوسل إلى النواب المحتجين أن يتركوه "يُـبلّغ فقـط" في إشارة منه أن الأمر لا يعنيه مطلقا، وربما قد يكون مختلفا مع ما تقدمه الداخلية بحكم موقعه الحقوقي، وهو ما دفعه سهوا أن يطلب نسخة من الإشعار الكتابي التي قدمها "الرميد" في حينه للسيد الوزير.أمام هذا الإحراج، لم يجد السيد الرئيس بدا من رفع الجلسة بداعي التشويش على الوزير، وحتى حين أعلن عن رفعها بقي مترددا على منصة الرئاسة يضرب الأخماس في الأسداس، وربما فكر لهنيهات فيما إن كان هذا الإجراء سيحفظ ماء وجه الحكومة-الداخلية أم سيعقد الأمر أكثر. ورغم المحاولات الحثيثة لرئيس الجلسة السيطرة على مشاعره والظهور بصفة الرئيس الحازم في توجيه النقاش، إلا أن ابتسامة ساخرة خانته لهنيهة والتقطها الإعلام المنحاز في مشهد يبين حقيقة المهزلة التي وضعت فيها الداخلية نفسها والمأزق الذي سببته للوزير لشكر بتوريطه في التكلف بالرد. وما أكد الحرج الحكومي أكثر، هي السرعة التي أراد أن ينهي بها رئيس الجلسة الواقعة في إتاحته لثوان فقط أمام الوزير حتى يكمل كلامه وبذلك تخرج الداخلية بأقل الخسائر أمام قوة الحجة وفطرة المقاومة للبهتان التي أبداها فريق العدالة والتنمية. ونفس المطلب دندن حوله "لشكر" حين مهد بمنطق الديمقراطيات راجيا النواب الغاضبين أن تنتهي الجلسة فقط وبعدها فليكن ما يكون. لكن شيئا من ذلك لم يحدث، لينفجر "إدريس" المغبون صارخا: "أنا ماغا نخضعش للاستنطاق" في مشهد يبعث على الشفقة ظهر معه بعض الوزراء كاليتامى المقهورين.ليس خافيا أن كل هذه التكتيكات من وزارة الداخلية تستهدف التضييق على حزب العدالة والتنمية، وتحجيم دوره في الواقع الاجتماعي كـقوة تنظيرية وعملية لا يستهان بها، وهي الإستراتيجية غير المعلنة التي تتأكد ملامحها يوما بعد يوم لتخدم غاية فقيرة هي الحيلولة دون ملامسة الشعب لمشروع العدالة والتنمية واقعا رأي العين سواء على مستوى التدبير الجماعي المحلي، أو على مستوى التسيير الحكومي بشكل أوْلى، وبالخصوص من على رأس الحكومة ولو استطاع أن يحصل على المرتبة الأولى (أصواتا ومقاعد) خلال الانتخابات. وتوظيف "إدريس لشكر" في هذه الإستراتيجية ليس إلا تكتيكا انتبه له العديد من المتتبعين والمحللين مع التعديل الحكومي الأخير، خاصة أنه (لشكر) كان يمثل الصوت النشاز، من داخل اليسار عموما والاتحاد الاشتراكي خصوصا، الداعي إلى التقارب مع حزب العدالة والتنمية، الشيء الذي لم يكن يخدم سياسة الحصار الممنهج التي يراد ضربها على الإسلاميين. ولمن يسترجع الحوار الذي دار وجها لوجه بين الرميد ولشكـر على صفحات "لوجورنال" (ع 405) بُعيْد الانتخابات الجماعية سيجد التقارب الكبير في وجهات النظر تجاه تقييم الوضع السياسي-الحقوقي الذي سجل تراجعا باعتراف الرجلين، وهو الاعتراف الذي خفت شيئا فشيئا لدى "لشكر" منذ أن تولى حقيبته الوزارية، ليخرج على الملأ في أول تصريح له كوزير على جريدة الشرق الأوسط (ع 11364) بتقييمات جديدة تناقض كلامه الأول الذي لم تمض عليه سوى ستة أشهر!حشت، إذا، وزارة الداخلية فم "إدريس" -خلال التكتيك الأخير- بثومها لتكسر تقاربه الحقوقي مع "الرميد" من خلال واقعة المنع، وحرّكته (كوزير في حكومة متضامنة!) في مواجهة فريق العدالة والتنمية على رقعة البرلمان من دون حيثيات حقيقية، ليجد نفسه مجرد بيدق غير قادر على تجاوز قلاع البينة الموَثـقة؛ ولعل حنكة الداخلية حققت بين هذا وذاك نقطة إضافية في كسب مزيد من التأييد للتيار المعادي للتقارب مع حزب العدالة والتنمية داخل حزب الاتحاد الاشتراكي؛ ليبقى التساؤل قائما: ما هو التكتيك المقبل؟ ومن سيكون الآتي في ابتلاع احتياطي أكوام الثـوم المخزنة لدى الدوائر المتنفـذة التي تعمل حثيثـا على تنزيل إستراتيجية الحصار ضد حزب العدالة والتنمية؟! وينضاف بذلك كرقم ضمن مجريات مفبركة بامتياز إلى قائمة الأحداث الكبرى السابقة، خاصة ما يتعلق بمكناس وتمارة وانتخابات تطوان ووجدة، ومحاكمة الدكتور الإبراهيمي برلماني العدالة والتنمية عن دائرة بركان... وغيرها من التكتيكات المتخلفة.--------------*سبق وأن ناقشنا -في مقالة سابقة- جوانب من سياسة الحصار على العدالة والتنمية، وذلك من خلال مجموعة من التصريحات. راجع مقالة "[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]" على هذا الموقع. | |
|