أحمد أيت لمقدم
عدد المساهمات : 16 نقاط : 46 تاريخ التسجيل : 09/12/2009
| | أحمد أيت لمقدم | |
تقرير القرآن لمنهج الوسطية في العبادةنجد أن القرآن الكريم قرر منهج الوسطية في العبادة في آيات كثيرة، تنظم بها يلي:أولا: الآيات التي تبين انحراف أولئك الذين صرفوا العبادة عن وجهها الصحيح، وذلك مثل:قوله تعالى: (قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ) [الزمر: 64].وقوله: (وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ) [النمل: 43].وقوله: (قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا) [المائدة: 76].وقوله: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) [الزمر: 3].ومثل ذلك قوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) [الحج: 11].فهذه الآيات وأمثالها ترسم منهج الوسطية في العبادة ببيان انحراف طريق هؤلاء الذين قلبوا العبادة عن وجهها الصحيح.قال ابن كثير في قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حَرْفٍ) قال مجاهد وقتادة وغيرهما: (على حرف) على شك وقال غيرهم: على طرف، ومنه حرف الحبل، أي: طرفه، أي: دخل في الدين على طرف، فإن وجد ما يحبه استقر وإلا انشمر)([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).وانظر: إلى قول القرطبي، حيث إن كلامه نص في محل الشاهد قال: (على حرف) على شك، قاله مجاهد وغيره، وحقيقته أنه على ضعف في عبادته، كضعف القائم على حرف مضطرب فيه، وحرف كل شيء: طرفه وشفيره وحده، ومنه حرف الجبل، وهو أعلاه المحدد وقيل: (على حرف) أي على وجه واحد، وهو أن يعبده على السراء دون الضراء، ولو عبدوا الله على الشكر في السراء والصبر على الضراء لما عبدوا الله على حرف، وقيل: (على حرف) على شرط([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).وقال ابن كثير في قوله تعالى: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى) [الزمر: 3]، أي ليشفعوا لنا ويقربونا عنده منزلة، ولهذا كانوا يقولون في تلبيتهم إذا حجوا في جاهليتهم: لبيك لا شريك لك، إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك، وهذه الشبهة هي التي اعتمدها المشركون في قديم الدهر وحديثه، جاءتهم الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، بردها والنهي عنها، والدعوة إلى إفراد العبادة لله وحده لا شريك له، وأن هذا شيء اخترعه المشركون من عند أنفسهم لم يأذن الله فيه، ولا رضي به، بل أبغضه ونهي عنه([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).ثانيا: الآيات التي جاءت تأمر بعبادة الله وحده، وتصف عبادته بالاستقامة، وبان عبادته هي الكلمة السواء، وغير ذلك مما يدل على أن عبادته هي الطريق الوسط السالم من الانحراف والضلال: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا) [آل عمران: 64]([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).وقال في أكثر من موضع: (إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ) [آل عمران: 51]، وقال: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر: 99].والآيات التي جاءت تأمر بعبادة الله وحده كثيرة جدًا، فما من نبي إلا قال لقومه: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا) [الأعراف:59].قال الطبري في قوله تعالى: (تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ) [آل عمران: 64]، يعني بذلك –جل ثناؤه- قل يا محمد لأهل الكتاب، وهم أهل التوراة والإنجيل تعالوا هلموا إلى كلمة سواء يعني إلى كلمة عدل بيننا وبينكم والكلمة العدل: وهي أن نوحد الله فلا نعبد غيره، ونبرأ من كل معبود سواه، (وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا) [آل عمران: 64].وقال ابن كثير في الآية نفسها: (سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ) أي عدل ونصف نستوى نحن وأنتم فيها، ثم فسرها بقوله: (آل عمران: 64]، لا وثنا ولا صليبا ولا صنما ولا طاغوتا ولا نارا ولا شيء، بل نفرد العبادة لله (تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ) [النحل: 36].دعوة الأنبياء، وهو سواء بين الفريقين، أي عدل ووسط لا يرجح فيه طرف آخر، وقد فسره بقوله: (أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ )([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) الآية.وبهذا يتضح لنا أن هذه الآية نص في الوسطية في العبادة، وهي عبادة لله وحده.أما قوله تعالى: (إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ) [آل عمران: 51]، فقد قال الطبري في معناها ذلك هو الطريق القويم، والهدى المتين الذي لا اعوجاج([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).وقال في آية مريم: (وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ) [مريم: 36]، يقول: هذا الذي أوصيتكم به، وأخبرتكم أن الله أمرني به هو الطريق المستقيم، الذي من سلكه نجا، ومن ركبه اهتدى؛ لأنه دين الله الذي أمر به أنبياءه([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).وقال القاسمي: في قوله تعالى: (فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ)[مريم: 36]: (أي قويم، من تبعه رشد وهدى، ومن خالفه ضل وغوي)([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).وقد سبق أن أوضحت أن الوسطية تعني الاستقامة، وأن قوله تعالى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) [الفاتحة: 6]، من أقوى الأدلة على منهج الوسطية، كما يقرره القرآن الكريم.ثالثا: الآيات التي جاءت في بعض أنواع العبادة كالصلاة، والدعاء وغيرهما، حيث نجد فيها أمرًا بالتزام منهج الوسط، ونهيا عن الإضاعة أو الرهينة، وهو ما يمثل الإفراط والتفريط.وسأذكر بعض الآيات التي وردت في ذلك، مقتصرا على ما يبين المراد، مع بيان دلالة الآية على الوسطية:1- ذم الله الإفراط في العبادة والغلو فيها، حيث قال في حق بني إسرائيل من النصارى: (وَرَهْبَانِيَّةً ابتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ) [الحديد: 27].قال القاسمي: (الرهبانية هي المبالغة في العبادة، والرياضة والانقطاع عن الناس، وإيثار العزلة والتبتل)([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).وقال ابن كثير: (وَرَهْبَانِيَّةً ابتَدَعُوهَا) أي: ابتدعتها أمة النصارى ما كتبناها عليهم. أي: ما شرعناها لهم، وإنما هم التزموها من تلقاء أنفسهم: (فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا )، أي: فما بما التزموه حق القيام، وهذا ذم لهممن وجهين: أحدهما: الابتداع في دين الله ما لم يأمر به الله.الثاني: في عدم قيامهم بما التزموه، مما زعموا أنه قربة تقربهم إلى الله -عز وجل-([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).وهذه الرهبانية التي ابتدعها النصارى لم يشرعها الله، وهي غلو في العبادة، ولذلك كانت النتيجة عدم قدرتهم على المحافظة عليها لمشقتها وصعوبتها.وقول الله تعالى: (مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ) دليل على أن الله لا يشرع ولا يكلف بما فيه غلو ومشقة، كما سبق بيانه ولقد اعترف عدد من متأخرى النصارى بخطأ هذا الغلو والرهبنة التي ابتدعها أسلافهم، وأنها ليست من دين الله، ونحن لسنا بحاجة إلى ذلك؛ لأن الله قد بين هذا الأمر في كتابه،ولكن هذا الاعتراف له دلالاته التي لا تخفي.وقد ذكر القاسمي بعض هذه الاعترافات تفصيلا، أذكر موجزًا منها([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]):قال صاحب ريحانة النفوس – وهي نصراني: (إن الرهبنة قد نشأت من التوهم بأن الانفراد عن معاشرة الناس، واستعمال التقشفات والتأملات الدينية، وهي ذات شأن عظيم، ولكن لا يوجد سند لهذا الوهم في الكتب المقدسة؛ لأن مثال المسيح، ومثال رسله يضادانه باستقامة، ثم قال، ونحن نقول بكل جرأة: إنه لا يوجد في جميع الكتب المقدسة مثال، ونحن نقول للرهبنة، ولا يوجد أمر من أوامره يلزم بها، بل العكس)([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).وذكر القاسمي نقلا عن النصارى من كتاب البراهين الإنجيلية ضد الأباطيل البابوية: إن ذم الزيجة خطأ، لأنها عمل الأفضل، لأن الرسول أخبر بأن الزواج خير من التوقد بنار الشهوة، ثم قال: ومن المعلوم أن الطبيعة البشرية تغضب الإنسان على استيفاء حقها، ومن العدل أن نستوفيها، إلى أن قال: ولذلك نرى كثيرا من القساوسة والشمامسة، لا بل من البابوات المدعين بالعصمة، قد تكردسوا في هوة الزنى، لعدم تحصنهم بالزواج الشرعي.ثم قال: فالطريقة الرهبانية هي اختراع شيطاني قبيح، لم يكن له رسم في الكتب المقدسة، ولا في أجيال الكنيسة الأولى وختم كلامه الطويل –بقوله: ولا تتسع الصحف لشرح جميع الأضرار التي وقعت على العالم بسبب الرهبنات. ثم عقب القاسمي على ذلك: وهو حجة عليهم منهم([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).هذه نتيجة الرهبنة والإفراط والغلو الذي ذمه الله، فقال: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ) [النساء: 171]، وقال: (وَرَهْبَانِيَّةً ابتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ) [الحديد:27].وكما ذم الله الغلو والرهبنة فقد ذم التفريط، والتضييع والإهمال، فقال سبحانه: (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) [مريم: 59].وقال ابن كثير مبينا دلالة هذه الآية على الخروج عن منهج الوسطية.لما ذكر الله تعالى حزب السعداء، وهم الأنبياء -عليه السلام-، ومن اتبعهم من القائمين بحدود الله، وأوامره، المؤدين فرائض الله، التاركين لزواجره، وذكر أنه (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ) أي قرون أخرى: (أَضَاعُوا الصَّلاَةَ ) وإذا أضاعوها فهم لما سواها من الواجبات أضيع؛ لأنها عماد الدين وقوامه وخير أعمال العباد، وأقبلوا على شهوات الدنيا وملاذها، ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها، فهؤلاء سيلقون غيا، أي خسارة يوم القيامة([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).وقال الشنقيطي في تفسير الآية: (فخلف من بعد أولئك النبيين خلف، أي: أولاد سوء. ثم قال: إن هذه الخلف السيء الذي خلف من بعد أولئك النبيين الكرام كان من صفاتهم القبيحة أنهم أضاعوا الصلاة، واتبعوا الشهوات ثم قال: فإذا عرفت الكلام في الآية الكريمة، وأن الله توعد فيها من أضاع الصلاة واتبع الشهوات بالغي، الذي هو الشر العظيم، والعذاب الأليم، فاعلم أنه أشار إلى هذا المعني في مواضع أخرى، كقوله في ذم الذين يضيعن الصلاة ولا يحافظون عليها وتهديدهم: (4. فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ) [الماعون: 4-6]، وأشار مواضع كثيرة إلى ذم الذين يتبعون الشهوات، وتهديدهم، وكقوله تعالى: (ذَرْهُمْ يَأكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) [ الحجر:3].ويفهم من مفهوم مخالفة الآية الكريمة أن الخلف الطيبين لا يضيعون الصلاة، ولا يتبعون الشهوات، وقد أشار إلى هذا في مواضع كثيرة من كتابه، كما في سورة المؤمنين في وصف المؤمنين وكقوله تعالى: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) [النازعات: 40-41]([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).2- وبعد أن ذكر الآيات التي تدل على النهي عن الغلو والإفراط أو التفريط والتضييع ذكر بعض الآيات التي تأمر بالتزام الوسط بين الإفراط والتفريط، قال تعالى: (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً) [الإسراء: 110]، نزلت هذه الآية ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- متوار بمكة: (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا) كان -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن، فلما سمع ذلك المشركون سبوا القرآن، وسبوا من أنزله، ومن جاء به، قال: فقال الله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ) أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن: (وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا) عن أصحابك فلا تسمعهم القرآن حتى يأخذوه عنك (وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً)([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).قال القرطبي: روى مسلم عن عائشة في قوله تعالى: (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا) قالت: أنزل هذا في الدعاء([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).والشاهد أن هذه الآية تأمر بالتوسط بين أمرين منهي عنهما وهما الجهر الشديد، والمخافتة والإسرار: (وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً).وقال تعالى: (وَاذْكُر رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآَصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ) [الأعراف: 205].قال القرطبي: (وَدُونَ الْجَهْرِ) أي دون الرفع في القول، أي: اسمع نفسك كما قال: (وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً) [الإسراء: 110]، أي: بين الجهر والمخافتة([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).وقال ابن كثير: (تَضَرُّعًا وَخِيفَةً ) أي: ذكر ربك في نفسك رغبة ورهبة، وبالقول لا جهرًا، ولهذا قال: (وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ) [وهكذا يستحب أن يكون الذكر، لا يكون نداء ولا جهرًا بليغًا([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).وقال تعالى: (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن: 16]، قال ابن كثير: أي جهدكم وطاقتكم وهذه الآية ناسخة لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102]، لأنه لما نزلت هذه الآية اشتد على القوم العمل فقاموا حتى ورمت عراقيبهم، وتقرحت جباههم فأنزل الله تعالى هذه الآية تخفيفا للمسلمين: (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن:16]، فنسخت الآية المذكورة، ودلالة الوسطية على هذا القول واضحة جلية.ونقف أمام قوله تعالى في سورة المزمل: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً *نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً *أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) [المزمل: 1-4]، ثم قال في آخر السورة: (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَلَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) [المزمل: 20].قال ابن كثير في تفسير لهذه الآية: (فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) أي: من غير تحديد بوقت، أي: ولكن قوموا من الليل ما تيسر، وعبر عن الصلاة بالقراءة، كما قال في سورة الإسراء: (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ) [الإسراء: 110]. أي بقراءتك([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).وقال القرطبي: قوله: (فَتَابَ عَلَيْكُمْ) قيل: (أي: فتاب عليكم من فرض القيام إذ عجزتم، وأصل التوبة الرجوع، فالمعنى: رجع لكم من تثقيل إلى تخفيف، ومن عسر إلى يسر)([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).وفي الآيات السابقة دلالة واضحة على منهج الوسطية في قيام الليل. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]([1]) انظر: تفسير ابن كثير (3/209).[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]([2]) انظر: تفسير القرطبي (12/17).[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]([3]) انظر: تفسير ابن كثير (4/54).[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]([4]) انظر: تفسير الطبري (3/301).[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]([5]) انظر: تفسير المنار (3/325).[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]([6]) انظر: تفسير الطبري (3/283).[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]([7]) انظر: تفسير الطبري(16/85).[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط](4) انظر: تفسير القاسمي (11/4137).[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]([9]) انظر: تفسير القاسمي (16/.[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]([10]) انظر: ابن كثير (4/315).[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]([11]) انظر: تفسير القاسمي (16/5698).[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]([12]) انظر: تفسير القاسمي (16/5700).[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]([13]) انظر: تفسير ابن كثير (3/137).[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]([14]) انظر: تفسير أن كثير (3/137).[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]([15]) انظر: أضواء البيان، للشيخ الشنقيطي (4/307).[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]([16]) انظر: تفسير ابن كثير (3/68).[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]([17]) صحيح مسلم، كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد (1/326 رقم 447).[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]([18]) انظر: تفسير القرطبي (7/355).[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]([19]) انظر: تفسير ابن كثير (2/281).[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]([20]) انظر: المرجع السابق (4/438).[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]([21]) انظر: تفسير القرطبي (19/53). | |
|