غالبية الملاحظين الدوليين يتفقون على أن مشاركة العدالة والتنمية ستكون قيمة مضافة للديمقراطية · استراتيجية حزب الأصالة والمعاصرة ترمي إلى عزل حزب العدالة والتنمية في المشهد السياسي المغربي
كشفت دراسة حديثة للاتحاد الأوروبي عن ضعف التصورات الشائعة بخصوص الديمقراطية في المغرب، مؤكدة أن هذا الأخير يعرف تراجعا ديمقراطيا كبيرا يغطيه التراجع الديمقراطي الأكبر في دول الجوار.
وأكدت الدراسة التي أعدها المركز الأوروبي للدراسات السياسية تحت عنوان "المأزق الديموقراطي في الجوار الأوربي... تحولات تكافح وإمبراطوريات تتكاثر"، مفارقة كبيرة تتجلى في أن وجود موقف معادي من "المخزن" لحزب العدالة والتنمية دفع بهذا الأخير إلى مزيد من الاعتدال، مضيفة (أي الدراسة) أن حزب العدالة والتنمية حافظ على سمعته كحزب ديمقراطي وشفاف، وهو الوحيد بين المعارضين في المغرب الأكثر رجاحة للدفع بالبلد نحو ديمقراطية فعلية، وأضافت الدراسة أن حزب العدالة والتنمية على النقيض من جماعة العدل والإحسان "تمكن من ترسيخ سمعته، ليس فقط باعتباره مقبولا كحزب إسلامي، ولكن أيضا باعتباره يتمتع بديمقراطية وشفافية داخليا"، مضيفة أن "غالبية الملاحظين الدوليين يتفقون على أن مشاركة العدالة والتنمية ستكون قيمة مضافة للديمقراطية، وأن قيادة العدالة والتنمية على وعي بأن الدفع بإصلاحات سياسية وازنة يقتضي التحالف مع أحزاب سياسية أخرى، ومن ذلك السعي إلى التقارب مع الاتحاد الاشتراكي رغم أن ذلك لم ينجح".
وأكدت الدراسة ذاتها أن حزب العدالة والتنمية هو المؤهل للدفع نحو الديمقراطية في المغرب، وأن الأحزاب المغربية تعاني من الانقسام والضعف، وتعاني من عجز كبير في توسيع قواعدها الجماهيرية في الدوائر الانتخابية، وتضيف الدراسة أن هذه الأحزاب وقعت في فخ الإضعاف، من خلال مشاركتها في حكومة عاجزة، بينما يشكل حزب العدالة والتنمية استثناء بين هذه الأحزاب التي تآكلت مصداقيتها بعد عجزها عن التأثير في المشهد السياسي وتحقيق وعودها.
وتقول الدراسة إنه "على الرغم من كون سمعة المغرب في إدارة انتخابات شفافة نسبيا، مع تزايد الاهتمام الدولي الذي يركز على يوم الانتخابات، إلا أن "المخزن" يدير بشكل خفي المنافسة السياسية لإحكام قبضته على السلطة، ويشكل الغش في اليوم الفعلي للانتخابات استثناء، وبدلا من ذلك يتم التدخل في هندسة الانتخابات في الفترة التي تسبق الانتخابات، في توزيع الدوائر الانتخابية وشراء الأصوات، وهي من التدابير المتخذة لضمان أن تكون النتيجة كما يريد" و "السلطة الفعلية لمؤسسة البرلمان ضعيفة جدا، بل ونفس الملاحظة نجدها حول الحكومة والتي يتم تجاوزها من قبل الماسكين الفعلين بالسلطة في المخزن".
وكشفت الدراسة النقاب عن استراتيجية حزب كاتب الدولة السابق في وزارة الداخلية (حزب الأصالة والمعاصرة)، والتي ترمي، حسب الدراسة، إلى عزل حزب العدالة والتنمية في المشهد السياسي المغربي، من خلال تصويره كحزب رجعي معادي للديمقراطية، وإنشاء حزب سياسي يحمل في اسمه فضائل حزب العدالة والتنمية.
وأبرزت الدراسة الأوروبية أن جهاز "المخزن" ينهج طرقا استبدادية، موظفا الهامش الممنوح في إطار قانون الإرهاب الذي صودق عليه سنة 2003، والذي يمنح هامشا لممارسات تلقى تغطيتها في إطار "مكافحة الإرهاب، أو تخفيض الهجرة السرية"، مضيفة أن استراتيجية المخزن قد تم تكييفها مع متطلبات العصر الجديدة، بنهج نوع من "الاستبداد الناعم"، وأن "إجراءات مكافحة الإرهاب التي تواجه الخطر الحقيقي لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وتنظيمات إرهابية أخرى قد تم استغلالها لتبرير التحكم السلطوي".
من جهة أخرى نبه التقرير إلى خطورة تنامي البطالة والتهميش وتفشي الفقر والتفاوتات الاجتماعية والاقتصادية الضخمة، مبرزة أن الضغوط المحلية على الحكومة، وعجز هذه الأخيرة في مقابلها، قد تؤدي إلى أعمال شغب احتجاج على الفقر وارتفاع الأسعار، كما وقع في مصر والعديد من بلدان المنطقة.
وقد أشرف على التقرير، الذي يقع في 173 صفحة، خص منها المغرب بسبع صفحات، ريتشارد يونيغ ومايكل يمورسون، جاء ضمن مشروع بحثي لتحليل الديمقراطية في الجوار الأوروبي، وشمل 15 دولة، وأصدره كل من "المركز الأوروبي للداراسات السياسية" ببروكسيل ومؤسسة "العلاقات الدولية والحوار الخارجي" بمدريد القريبة من وزارة الخارجية الاسبانية.
عن التجديد- عدد 16 فبراير 2010
السبت فبراير 23 2013, 13:33 من طرف fsl
موضوع: دراسة أروبية "الدولة تمارس الاستبداد الناعم 
