محاربة اميــــة الامييـــنجعفر الضيفي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] [right][color=red]تعد الأمية من مكونات المجتمع المغربي ، كما تعتبر من أقو ى وأعظم العراقيل للصيرورة التنموية على مختلف الأصعدة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الحقوقية و البيئية ، و نظرا لارتفاع نسبتها بالمغرب ، حيث تقارب نصف سكانه ، فإننا لن نستطع القضاء عليها كلية ، كما أن محاربتها لم تعد تنحصر في معرفة القراءة و الكتابة فحسب ،لأن بهذا المستوى لم نقو على مواكبة المسيرة التنموية خصوصا أمام هذا التطور العلمي و التقني و النهضة التكنولوجية الحديثة.
و هذه الظاهرة لم تقتصر على المسنين كما في مخيلة البعض ، بل تشمل جميع فئات المجتمع ، ذلك أن ظاهرة الهدر المدرسي تفشت و بشكل كبير في وقت ترمي فيه الدولة من خلال التصريحات الرسمية إلى محاولتها تقليص نسبة الأمية إلى 05% في أفق 2015 ،رغم قلة الموارد البشرية في قطاع التعليم العام - حيث أن مجموعة من المواد التي يشملها المقرر السنوي لا زالت لم تدرس إلى يومنا هذا بسبب انعدام من يدرسها و بمختلف مناطق المغرب!!-، و من بين أسباب هذا الهدر نجد غزو القنوات الفضائية ، انتشار الانترنيت و عدم حسن استعماله ،
إهمال الأسر لأبنائها و عدم مراقبتهم ، و أيضا تدني المستوى التعليمي من خلال ضعف البرامج و المخططات التربوية و تدخل الغرب و صندوق النقد الدولي في فرض البرامج التعليمية ، فكانت النتيجة مستوى تعليمي متدني و هدر مدرسي متزايد و أمية مستفحلة ، و نظرا لأهمية التعليم الذي يعتبر من بين الأسس الرئيسية التي يقاس بها تقدم دولة ما بالإضافة إلى معايير أخرى طبعا كالتطبيب و نسبة الوفيات و معدل النمو و مستوى عيش الفرد من خلال دخله السنوي ... ، فقد حرصت الدولة على محاربة الهدر المدرسي و أقرت التربية غير النظامية و عملت على محاربة الأمية من خلال تجنيدها لعدد لا يستهان به من الأطر المعطلة ، فانتشرت الحروف الهجائية في المدارس ، في المساجد ، في "المسيد" و البيوتات لهذه الغاية لربما نصل إلى مستوى تعليم غزة المحاصرة التي تكاد تنعدم بها الأمية رغم وضعها الاستثنائي/الحربي .
هذا بالنسبة للأمية التي يعادل القضاء عليها معرفة القراءة و الكتابة ، و لكن الأمية التي تسبب في عرقلة المشاريع التنموية و التطور و الازدهار ليست بالأمية العادية فهي الأمية التي تأخذ مكانها من بين هذا العدد : 27795 الذي يتكون من 5 أرقام و هو ليس رقما استدلاليا محضا ، فهو يدل على عدد المقاعد التي تكون 1503 مجلسا محليا بين حضري و قروي ، هذا العدد الذي يشمل مستويات تعليمية تتراوح بين ال"بدون" و التعليم العالي مرورا بالابتدائي ، الإعدادي فالثانوي ، هذا العدد الذي يصعب على وزارة الداخلية تفصيله و حصره من حيث المستويات التعليمية ، فرغم تصريحها بهذه المستويات ،
فإن هذا التصريح يجانب الصواب كونها تعتمد على التصريح بالشرف للمرشحين ،إذ أن العديد منهم يستحيي من التصريح ب "دون مستوى" تعليمي لأنه يعرف أن "البدون" هو السطل/الدلو و بالتالي فإنه يروم لاختيار مستوى من المستويات لحفظ ماء وجهه أمام زملائه و منافسيه أيضا ، بعد نهاية المنافسة و إعلان النتائج تعطى هذه الأخيرة بتفصيل من حيث الجنس و الأحزاب و السن و المستويات التعليمية من طرف الجهات الرسمية التي يتم مغالطتها في ذلك، بدليل أن مجموعة من الرؤساء يحصون بتوفرهم على مستوى نهاية الدروس الابتدائية ، يتم الطعن فيهم فيزاحوا من طرف القضاء .بعدما يتبين انه لا مستوى لهم على أرضية الواقع.
إن الأمية التي يجب أن تحارب تبدأ بين صفوف هؤلاء الساهرين على تسيير دواليب الشأن المحلي و الذين من المفروض فيهم تنمية المناطق التي يديرونها إذ كيف بمستوى نهاية الدروس الابتدائية يدار الشأن المحلي في عصر التكنولوجية و التقدم التقني ؟ و كيف للأميين أن يتربعوا على رأس اللجان الدائمة ،
هل يعقل و هل بوجود أمي على رأس لجنة المالية أو لجنة التعمير مثلا بالمجالس المحلية أو الإقليمية و الجهوية يتطور المغرب ؟ أليس من: "اللي ميطيب غذاتو و يصبن كساتو و يكتب براتو موتو خير من حياتو"؟ فكيف لهؤلاء الأموات أن يسهروا على تسيير الأحياء و منهم الطبيب و المحامي و الدكتور و الأستاذ و المجاز المعطل.....ألا يندى جبينهم من ذلك ؟ ألا تفكر الدولة و الأحزاب السياسية في وضع حد لهذه المهزلة؟ أليس هذا النوع من الأمية الذي يجب محاربته؟ بل محاربة هؤلاء الأميين و إبعادهم من مراكز القرارات