تحية طيبة لكل مشرفي ، اعضاء ورواد هذا الصرح الكبير ، نعود اليكم من خلال الدور الثالث من مسابقة
القلم الذهبي بهذا الموضوع المتواضع الذي اتمنى ان ينال اعجاب القراء وهو تحت عنوان
الدراسة والتخطيط اساس التنمية,
لايختلف اثنان في كون ان التخطيط الجيد والدراسة المحكمة هي اساس نجاح كل مجتمع
يريد مقارعة الكبار والوقوف في وجه كل التقلبات والنكبات ، وما وصل اليه العالم الغربي من تقدم وازدهار
وتنمية بشرية تضمن العيش الكريم لمواطنيه الا نتيجة حتمية للبرامج المسطرة والمخططات المحكمة
التي وضعها خبراؤه مند عشرات السنين بقراءة جيدة للمستقبل واستغلال حكيم للامكانيات.
فاين عالمنا العربي من كل هذا التخطيط؟ وهل يعتبر غيابه من اسباب تخلفنا؟
رغم ان الاسلام جاء داعيا الى استعمال العقل والعلم ، وحاثا المسلم على احترام الاسباب ، ومراعاة
السنن و اخد الحذر ، والاعداد للغد ، نرى ان مجتمعاتنا العربية ضعيفة الاهتمام بهذا الجانب،
مع ان النبي عليه الصلاة والسلام ، بعد هجرته الى المدينة ، طلب احصاء بعدد من يلفظ بالاسلام ،
فأحصوا فكانوا : الفا وخمسمائة ، كما روى ذلك البخاري. وهذا يدل على ان الرسول الكريم_ اراد
ان يعرف مدى القوة البشرية لديه معرفة علمية دقيقة ، ليكون تقديره ومواقفه مبنية على دراية وبينة.
ولكن للاسف نرى ان مجتمعاتنا تتخبط في الارتجالية وغياب دراسات متخصصة وبرامج بعيدة
المدى من اجل النهوض بالفرد والجماعة ، معتمدين على الصدفة في التدبير والتسيير. حيث
لازال البعض يضيقون بما يدعوا اليه البعض من ضرورة (الدراسة) اولا . وغدت كلمة(الدراسة)
لاي فكرة او مشروع تعني عندهم (التسويف) وهو يعني (التمويت) بالقتل البطيء.
ويتمسكون بمبدأ " المهم هو البداية " ،مؤمنين بالاعمال الناقصة تحت شعار" لنبدأ العمل ناقصا
او خاطئا ، ثم ياتي غيرنا فيكمل النقص ، ويصحح الخطأ".
وهذه فلسفة لها دوافعها ومبرراتها، ولكن ما اكدته التجارب ان ترقيع العمل المغلوط، او تقويم
المشروع الاعوج ، اصعب بكثير من بدئه من الالف بداية صحيحة.
وقد يبذل المخلصون جهودا مضنية في الترقيع والتصحيح والتقويم ثم لاتأتي اكلها ، وقد تحقق بعض
النتائج .ولكن بعض الامور تستعصي على الاصلاح ، لانها بدات من اول الامر غير صحيحة ولا مستقيمة.
ومن اهم ماينبغي التخطيط له هو تنمية بشرية ترجع للفرد كرامته بالاضافة الى التوجيه الجيد والمتخصص
للمواهب الشابة على اعلى المستويات في كل مجالات الحياة ، علمية وشرعية وسياسية واقتصادية واجتماعية
وتربوية واعلامية وادارية وتخطيطية وغيرها ، من كل مايسد الثغرات ويلبي الحاجيات في مجتمع
متحضر معاصر ، عالم يضيف كل يوم جديدا بمايشبه الوثبات في العلم والتكنولوجيا ، في حين
اننا مكتفين بالصراع بيننا ، او اللهو في زمن الجد، او لوك الالسنة بما لايفيد.ونظرا لاننا نرتجل،
وخصومنا يخططون ، نراهم يسرقون ثمرات كفاحنا ونحن غافلون.
لابد اذن من دراسة وتخطيط محكم ودقيق وجمع المعلومات والبيانات اللازمة ، وتحليلها من منظور علمي
موضوعي ، والخروج بالنتائج اللازمة لتوضع موضع التنفيد اثباتا او نفيا من اجل الوقوف ندا لند
لاعدائنا ومبتزي ثرواتنا.