لك أيها القارئ أن تنظر طريقة القرآن في تعميق الإيمان بالآخرة في قلوب الصحابة _ رضي الله عنهم _ كان القرآن المكي يقرر ويكرر أمور الآخرة على قلوب الصحابة _ رضي الله عنهم _ حتى صاروا كأنهم يعاينون الآخرة بعيني رؤوسهم , فهانت عليهم أنفسهم , وبذلوا جميع ما يملكون طلبا لجنة الله عز وجل , فتارة يقول : " إن الساعة آتية أكاد أخفيها " وتارة يقسم بوقوعها : " والذاريات ذروا , فالحاملات وقرا , فالجاريات يسرا , فالمقسمات أمرا , إنما توعدون لواقع , وإن الدين لواقع " وتارة يأمر نبيه بالإقسام على وقوعها : " وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم " وتارة يذم المكذبين بها وتارة يمدح المؤمنين بها وتارة يخبر بقرب القيامة ... وغير ذلك الكثير من الأمثلة والأدلة الواردة في القرآن وأما السنة النبوية التي أخرجت لنا أجيال تناطح هامات السحاب فهي مليئة بهذا الأسلوب العظيم ولن يصلح أخر الأمة إلى بما صلح أولها ولقد كان عليه الصلاة والسلام يتخول صحابته بالموعظة من حين إلى حين حتى أن الصحابة الكرام أصبحت هذه التربية تجري مع دمائهم في أجسادهم حيث كان الواحد يقول لأخيه : اجلس بنا نؤمن ساعة فيجلسون يذكرون الله عز وجل . وقد قال ابن مسعود _ رضي الله عنه _ للتابعين : لأنتم أكثر عملا من أصحاب رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ , ولكنهم كانوا خيرا منكم , كانوا أزهد في الدنيا وأرغب في الآخرة.
فكل هذا يدل على أن هذه التربية ضرورية جدا لكل مسلم يطمح في الارتقاء بنفسه في درجات الخلد .